-->

مستجدات التعليم الصريح برسم الموسم الدراسي 2025/2026


 يشهد الميدان التربوي في السنوات الأخيرة تحولًا عميقًا في المفاهيم والمقاربات البيداغوجية، أبرزها ظهور التعليم الصريح كمدخل جديد نحو ترسيخ تعلم فعّال وموجه نحو الكفايات. ويُعد هذا التوجه من أهم مستجدات التربية والتكوين التي تراهن عليها الأنظمة التعليمية الحديثة، لما يقدمه من رؤية واضحة تجعل المتعلم في قلب الفعل التربوي، وتُعيد الاعتبار لدور المدرّس كموجه وميسر ومسؤول عن بناء التعلمات بشكل منظم وواضح.

ملاحظة
قبل الشروع في تحميل وثائق ومستجدات التعليم الصريح بصيغة PDF، يُستحسن أولاً الاطلاع على المفاهيم الأساسية التي يقوم عليها هذا التوجه التربوي الحديث، وذلك لفهم فلسفته وأهدافه بدقة، وضمان تطبيقه بشكل فعّال داخل الفصول الدراسية. 
رابط التحميل متاح في أسفل المقال.

في هذا المقال، سنقرب القارئ من أهم مرتكزات ومستجدات التعليم الصريح، ونبرز كيف يندمج هذا النموذج في سياق إصلاح المنهاج الدراسي المغربي وتحقيق الجودة المنشودة في التعلمات الأساسية.

مفهوم التعليم الصريح

يقصد بـ التعليم الصريح (L’enseignement explicite) مقاربة بيداغوجية حديثة تعتمد على توضيح الأهداف التعليمية بشكل صريح ومباشر للمتعلمين، مع الحرص على التدرج في بناء المعرفة من البسيط إلى المركب.

يؤمن هذا النموذج بأن التعلم الفعّال لا يتحقق بالصدفة، بل من خلال تنظيم دقيق للدرس، وتخطيط منهجي، ومتابعة فردية مستمرة للمتعلمين.

يرتكز التعليم الصريح على ثلاث مراحل أساسية:

  1. التهيئة وبناء التوقعات: حيث يُقدم المدرس أهداف التعلم بوضوح، ويهيئ المتعلمين لاستقبال الدرس.
  2. النمذجة والتوضيح: يقوم الأستاذ بشرح المفهوم أو المهارة عبر أمثلة ملموسة وعرض الخطوات بطريقة منظمة.
  3. الممارسة الموجهة والمستقلة: يُتيح للمتعلمين فرص التدريب تحت إشراف المدرس، ثم يتركون لتطبيق المهارات بأنفسهم في وضعيات جديدة.

خلفية اعتماد التعليم الصريح في المغرب

جاء تبنّي التعليم الصريح ضمن حزمة من الإصلاحات التربوية التي أطلقتها وزارة التربية الوطنية في إطار خارطة الطريق 2022-2026 والمنهاج المنقح للسنوات الأولى من التعليم الابتدائي.

الغاية من هذا التوجه هي:

  • تحسين جودة التعلمات الأساسية (القراءة، الكتابة، الرياضيات).
  • ضمان تكافؤ الفرص بين جميع المتعلمين.
  • تجاوز صعوبات التعلم وضعف التحصيل الدراسي.

كما يستند هذا الاختيار إلى نتائج الدراسات الدولية مثل PIRLS وTIMSS التي كشفت عن الحاجة إلى اعتماد ممارسات تدريسية واضحة وموجهة، تركز على التحكم في الكفايات بدل تغطية المحتويات فقط.

مبادئ التعليم الصريح

من أبرز المبادئ التي يقوم عليها التعليم الصريح:

  1. الوضوح والبساطة: تقديم التعلمات بطريقة مفهومة وممرحلة.
  2. التدرج واللولبية: الانتقال من السهل إلى الصعب، مع تكرار المراجعة والتدعيم.
  3. الملاحظة المستمرة: تتبع أداء المتعلمين وتقديم تغذية راجعة فورية.
  4. المسؤولية المشتركة: إشراك المتعلم في بناء تعلمه وإدراك أهدافه.
  5. التقويم المرحلي: تقييم التعلمات في كل مرحلة قبل الانتقال إلى التالية.

التعليم الصريح والمنهاج المنقح

يتكامل التعليم الصريح مع المنهاج المنقح الذي اعتمدته الوزارة سنة 2021، حيث تم تنظيم التعلمات في مسارات متدرجة ومتكاملة، تتيح:

  • بناء الكفايات على المدى الطويل،
  • اعتماد أنشطة تعليمية داعمة،
  • التركيز على التحكم بدل التلقين،
  • تخصيص وقت للدعم والتوليف والمراجعة المنتظمة.

وقد تم إعداد كتب مدرسية جديدة تراعي هذه المقاربة، خاصة في مواد اللغة العربية، الرياضيات، واللغة الفرنسية، مع تقديم دلائل مدرس واضحة حول كيفية تفعيل مراحل التعليم الصريح داخل القسم.

دور الأستاذ في التعليم الصريح

الأستاذ في هذا النموذج ليس مجرد ناقل للمعرفة، بل هو موجه وفاعل أساسي في بناء التعلم.

يتعين عليه أن:

  • يخطط بدقة لكل حصة،
  • يشرح الأهداف بوضوح للمتعلمين،
  • يستخدم لغة تعليمية بسيطة ومباشرة،
  • يراقب مدى فهم التلاميذ باستمرار،
  • يوفر دعماً فردياً حسب الحاجة.

بهذا الشكل، يتحول القسم إلى فضاء تعلم نشط ومنظم، تسوده الثقة والتفاعل الإيجابي، وتتحسن فيه المردودية التعليمية بشكل ملموس.

مزايا التعليم الصريح

اعتماد هذه المقاربة يمنح النظام التعليمي عدة مزايا، من أبرزها:

  1. تحسين نسبة الفهم والاستيعاب لدى المتعلمين.
  2. تقليص الفوارق بين المتعلمين بفضل التوجيه الفردي.
  3. رفع دافعية المتعلم نحو التعلم.
  4. تسهيل عملية التقويم والتتبع.
  5. ضمان جودة الأداء البيداغوجي داخل القسم.

التعليم الصريح في مؤسسات الريادة

ضمن مشروع مدارس الريادة الذي انطلق بالموسم الدراسي 2023-2024، تم إدماج التعليم الصريح كركيزة أساسية في النموذج البيداغوجي الجديد، إلى جانب مبادئ اللولبية، التدرج، والمراجعة المنتظمة.

وتهدف هذه التجربة إلى تجويد الممارسات الصفية، وتطوير أداء الأساتذة، وتوفير بيئة تعليمية داعمة ومحفزة للمتعلمين.

تحديات تطبيق التعليم الصريح

رغم وضوح منهجيته وفعاليته، إلا أن التطبيق الميداني للتعليم الصريح يواجه بعض التحديات، مثل:

  • الحاجة إلى تكوين مستمر للأساتذة حول تقنيات التعليم الصريح.
  • محدودية الموارد الزمنية داخل جداول الحصص.
  • صعوبة ضبط الفوارق الفردية في الأقسام المكتظة.

لكن هذه التحديات تبقى قابلة للتجاوز من خلال التدرج في التطبيق وتبادل الخبرات المهنية بين المدرسين.

نحو تعليم فعّال وموجه نحو الكفايات

إن التعليم الصريح ليس مجرد تقنية، بل هو فلسفة تربوية شاملة تهدف إلى جعل المتعلم فاعلًا واعيًا بمسار تعلمه.

إنه أسلوب حديث يعيد الاعتبار لمفهوم الجودة في التعليم، ويؤسس لجيل يمتلك مهارات التفكير، الفهم، والتحليل، بدل الاكتفاء بالحفظ والتكرار.

وهو ما ينسجم مع التوجه العام لإصلاح المدرسة المغربية وتحقيق تعليم منصف وناجع ومُؤثر.

إن اعتماد التعليم الصريح يمثل مرحلة جديدة في مسار تحديث المنظومة التربوية المغربية، ويؤكد التزام الدولة بجعل المدرسة فضاءً لبناء الكفايات الحقيقية، لا مجرد تمرير للمحتويات الدراسية.

فهذا التوجه، إلى جانب باقي الأوراش الإصلاحية كـ خارطة الطريق، الرؤية الاستراتيجية، والمنهاج المنقح، يعكس رؤية مستقبلية تسعى إلى تحقيق تعليم عصري، منصف، وفعال يواكب تطلعات المتعلمين والمجتمع.

تحميل وثيقة مستجدات التعليم الصريح برسم الموسم الدراسي 2025/2026

تحميل